بحث عن مشكلة الحدود بين الجزائر وليبيا

بحث مشكلة الحدود بين الجزائر وليبيا
بحث مشكلة الحدود بين الجزائر وليبيا

ما سيتضمنه الموضوع:
  • المقدمة
  • الموضوع
  • الموقع الجغرافي والمساحة لكلا من ليبيا والجزائر
  • المشكلة على الحدود بين الدولتين وأسباب نشأتها
  • رؤية الباحث في المشكلة
  • الخاتمة

المقدمة

بعد الحرب العالمية الأولي وفي عام 1916 ظهرت اتفاقية سايكس- بيكو والتي علي أساسها تم تقسيم الدول العربية وفق أهداف القوة المنتصرة فكانت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي وكانت ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي وبعد حصول الدولتين علي استقلالهما بدأت كل دولة تبحث عن حدودها وتطالب بها فمن المعروف أن الاستعمار ترك كل حدود الدول العربية غير محددة تحديدا قاطعا بينما ترك بينهما العديد من المشكلات ليبقي العالم العربي في نزاع داخلي بينه وبين جيرانه سواء من دول عربية وغير عربية حتي تستطيع هذه الدول الاستعمارية المحافظة علي مصالحها بالشرق الأوسط.

فيهم الدول أن تكون حدودها السياسية حدود أمنه مستقرة ومن هنا بدأت الدول عقد العديد من المؤتمرات لحل النزاعات على الحدود الا أن المشكلة الحدودية التي نحن بصدد الحديث عنها لم يتم حلها حتي هذه اللحظة


وليبيا من الدول العربية التي تمتلك حدود سياسية غير واضحة المعالم حتي الأن لذلك توجد مشكلات عديدة بينها وبين كل جيرانها مثال المشاكل مع الحدود المصرية في واحة جغبوب وكذلك مشاكل علي حدودها مع دولة تشاد وأيضا مشاكل حدودها مع الجزائز ولا يمكن وصف العلاقات الليبية الجزائرية قبل ثورة 17 فبراير بليبيا بأنها مثالية او ممتازة؛ فالعلاقات الليبية الجزائرية مرت بمراحل عديدة اثناء حكم القذافي للبلاد ، تراوحت ما بين التوتر الصارم بين البلدين ولفترات متقطعة وما بين علاقات بارغماتية هادئة في فترات اخرى ، فالقذافي الذي حاول التأثير قدر الامكان في اي ساحة افريقية استطاع بلوغها وربما لم يستطع ان يتغلغل الى الوسط الجزائري بالهيئة الذي يريدها اثناء حكم الرئيس القوي الراحل(الهواري بومدين) بل وعلى العكس من ذلك حاول القذافي ان ينشئ علاقة جيدة مع الجزائر في تلك الفترة ولم ترفض الجزائر هي الأخري هذا الامر وهو ما وضحه الموقف الجزائري القوي ضد سياسات السادات اتجاه ليبيا و التوتر الحاد الذي كان بين ليبيا ومصر في ذلك الوقت ، وبعد وفاة الرئيس الهواري بومدين عاد القذافي للعبته القديمة بمحاولة التأثير على الداخل الجزائري واعادة فتح قضية الحدود الليبية الجزائرية الغير مرسمة فعليا ، اضافة الى رفضه اقراض الجزائر لاي مبالغ مالية أثناء الحرب الأهلية بالجزائر .وفي بداية الالفية الجديدة وبعد انتهاء ازمة الحرب الاهلية الجزائرية التي تحولت فيما بعد الى حرب ضد الجماعات المتشددة التي رفضت مواقف التهدئة و السلم و صعود الرئيس (عبدالعزيز بوتفليقة) سدة الحكم ؛ دخلت العلاقات الليبية الجزائرية في طور التهدئة لمرة اخرى.


الموضوع


اولا الموقع الجغرافي والمساحة لكلا من ليبيا والجزائر


تقع دولة الدولتين في الجناح العربي الأفريقي وتطل كل منهما علي البحر الأبيض المتوسط فتحد دولة ليبيا ست دول هي مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس. يبلغ إجمالي طول الحدود الليبية 4,348 كم تتوزع مصر (1,115 كم)، وتشاد (1,055 كم)، والجزائر (982 كم)، والسودان (383 كم)، والنيجر (354 كم)، وتونس (459 كم). يبلغ طول شريطها الساحلي الممتد على طول البحر الأبيض المتوسط 1,770 كم. ويمكن اعتبار جزيرة مالطا وإيطاليا دول مجاورة (بشكل غير مباشر كما أن ليبيا كانت مستعمرة إيطالية تمد إيطاليا بالخيرات في عهد الاستعمار).
 

تحتل ليبيا المرتبة 17 في العالم من حيث المساحة و 4 في القارة الإفريقية. وتبلغ مساحتها الإجمالية 1,759,540 كم2.


أما عن دولة الجزائر فمنذ انقسام السودان عام 2011 والتي كانت أكبر دولة افريقية ، أصبحت الجزائر أكبر دولة إفريقية. يحدها المغرب بحدود بلغ طولها(1559 كم) وتونس (965 كم) وليبيا (982 كم) والنيجر (956 كم) ومالي (1376 كم) وموريتانيا (463 كم) والصحراء الغربية التي تحتلها المغرب (42 كم). وفي معظم الحالات، تم ترسيم الحدود من قبل القوى الاستعمارية الأوروبية، وخصوصاً فرنسا التي كانت الجزائر مستعمرتها. وتسبب ذلك بمشاكل جمة في مرحلة ما بعد الاستعمار عندما طالبت المغرب بضم أجزاء كبيرة من جنوب غرب الجزائر، مما أدى إلى اندلاع (حرب الرمال) عام 1963.وتبلغ مساحة الجزائر 2,382,000 كم².


ثانيا المشكلة على الحدود بين الدولتين وأسباب نشأتها

قامت دوريات جزائرية باختراق الحدود الليبية عند قرية امباس، في سنة 1967، وهو ما اعتبرته ليبيا مساسا بحدودها وسيادتها على المنطقة بغير حق من جانب القوات الجزائرية ، غير أن السلطات الجزائرية الحاكمة أنذاك استندت في عملها هذا إلى ما دعت له "اتفاقية 1957 المعقودة بين ليبيا والإدارة الفرنسية للجزائر" وذلك لتبرير موقفها ، والتي تم فيها تخطيط الحدود التي وافقت عليها الجمعية الوطنية الفرنسية، وتم تسجيلها في الأمم المتحدة لكن الطرف الليبي برر إبرامه لهذه الاتفاقية بكونه عمل على فتحها حتى لا تثير أي مشاكل أثناء "حرب التحرير في الجزائر" وبإيعاز من الحكومة الجزائرية، ولكن لم تعرض على البرلمان الليبي ولم يصادق عليها فإنها لم تستكمل شكلها القانوني .
 

في خلال السبعينات طالب العقيد القذافي الجزائر باستعادة الأراضي المتنازع عليها، الواقعة على طول الشريط الحدودي الممتد بين حوض غدامس والحدود مع دولة النيجر، باعتبارها أراضي كانت تابعة إلى المملكة الليبية، اخر اجتماع حول الحدود كان عام 2007 في مدينة غات بحضور الجزائريين والليبيين ولجان مراقبة من بلجيكا وفرنسا و لكن لم يتم التوصل لاي حل بين البلدين حتى هذه اللحظة. أثناء الثورة الليبية في 2011، اتهم المجلس الوطني الانتقالي الجزائر بتقديم دعم للقذافي عن طريق السماح بإدخال الإمدادات العسكرية والمرتزقة الأجانب عبر الأراضي الجزائرية.

في أغسطس 2011، دخل 10 أفراد من عائلة القذافي الأراضي الجزائرية بالإضافة إلى 21 فردا من مرافقيهم، وهم زوجة معمر القذافي صفية فركاش وأنجاله عائشة، هانيبال ومحمد إضافة إلى ثمانية من أحفاد القذافي. وبعد سقوط نظام القذافي في أوائل نوفمبر 2011، قام مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي بزيارة الجزائر ولقاء الرئيس الجزائري بوتفليقة حيث تناول اللقاء قضية انتشار السلاح على الحدود، وبقية فلول القذافي الذين دخلوا الجزائر، دون التطرق إلى تسليم أفراد عائلة القذافي.
 

اختلفت وجهة النظر حول ماهية الموقف الذي اتخذته الجزائر إزاء الثورة الليبية فضلا عن اسباب هذا الموقف ، فما يراه بعض السياسيين و الصحفيين موقفا مؤيدا من قبل الجزائر لنظام القذافي اثناء الثورة يراه البعض الآخر بما في ذلك الموقف الرسمي الجزائري بعد سقوط القذافي بانه ليس كذلك وانما في حقيقة الأمر هو عبارة عن استمرار لسياسة الجزائر في عدم التدخل في دول الجوار بما يؤثر على وضعها الداخلي سلبا وان لا اسباب تجعلها تقف الى جوار القذافي او تدعمه في حربه بقدر ما هو موقف تحاول فيه خلق التوازن ما بين عدم معارضة الثورة الليبية وعدم تأييدها في ذات الوقت ولو اضطر الامر في بعض الاحيان الى اتخاذ مواقف يمكن حسبانها على انها ميل لاحد الطرفين بما في ذلك ايواء عائلة القذافي بعد هروبها من طرابلس او استقبال الشيخ علي الصلابي في الجزائر في مبادرة شخصية تحت عنوان السعي نحو العدالة الانتقالية .ورغم اختلاف الآراء حول طبيعة الموقف الجزائري ومحاولة تصنيفه ما بين الموقف الداعم للقذافي وبين الموقف السلبي من كامل الشأن الليبي بغض النظر عن اطرافه ، الا ان هذه الآراء تتفق في جزء من اسباب الموقف الذي اتخذته الجزائر بغض النظر عن تصنيف هذه الآراء لهذا الموقف ازاء الثورة الليبية ، حيث ان هذه الآراء تحدثت عن السياسة التي اعتمدتها الجزائر منذ بداية عهد (بوتفليقة) وبنت عليها عقيدة جيشها ايضا ،متمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى و الدعوة الى الحلول الدبلوماسية والسياسية بشكل مستمر بل وتبني دور الوساطة في الحلول السلمية وهو موقف اتخذته الجزائر في كل من القضيتين الليبية و المالية ، اضافة الى خوف الجزائر من تداعيات الثورة الشعبية في دول الشمال الافريقي على الوضع السياسي الداخلي في الجزائر وامكانية تحرك الشارع الجزائري بطريقة مماثلة، كما لا يمكن انكار خشية الجزائر المستمرة منذ ما قبل الثورة الليبية من ردة فعل القذافي وامكانية مساهمته في دعم اي تحرك في الشارع الجزائري او دعمه لاي قوى معارضة سواء في شكلها السياسي او في شكلها العرقي و الاثني وهو موقف خشيت الجزائر من تبنيه من قبل القذافي ولو كان في حقيقة الامر يعارض اي اصوات للتغيير في بلده ،لكنه موقف كان من الممكن ان يتخذه سواء اثناء الثورة الليبية او اذا ما آلت نتيجة الحرب ضد معارضيه لصالحه في شكل رد فعل مشابه اذا ما دعمت الجزائر الثورة الليبية آن ذاك .


الدور الجزائري في الانقسام السياسي ازاء الانقسام الليبي (تحد جديد للسياسة الخارجية الجزائرية)

سارت الأحوال الليبية السياسية في ليبيا بمنخنق وازمة خطيرة جدا، اثر اندلاع المواجهات العسكرية المباشرة ما بين الفرقاء السياسيين وكذلك رجوع المؤتمر الوطني للواجهة السياسية من جديد كممثل سياسي عن تحالف فجر ليبيا العسكري و ليشكل حكومة تسيطر على المنطقة الغربي والجنوبية الغربية، تحت مسمى (حكومة الانقاذ الوطني) ، فيما قرر مجلس النواب المنتخب ان يتخذ من مدينة طبرق مقرا له بدل بنغازي التي كانت قد اشتعلت فيها معارك حامية الوطيس اثر اطلاق عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر وبدعم قبلي كبير من قبائل المنطقة الشرقية و كذلك من مجموعة كبيرة من العسكريين القدامى هناك ، واقر مجلس النواب استمرار حكومة الثني في مهامها وبدا ان هناك سيطرة لصالح مؤيدي عملية الكرامة على المجلس ، ليتشكل بذلك قطبا صراع يختلف كل منهما مع الآخر بحدة ولكل منهما قدراته العسكرية وتمثيله السياسي . وعلى اثر هذه الأزمة انطلقت الدول المختلفة في حركتها اتجاه ايجاد حل للازمة الليبية التي اسفرت عن خروج اغلب السفارات والمنظمات الاجنبية اضافة الى توقف حركة الطيران او اقتصارها على بعض الدول العربية ، وفيما تباينت مواقف الدول من الازمة الليبية فبعض الدول أيدت احد اطراف الصراع اما بشكل علني او سري بينما اتخذت بعض الدول موقف الداعي لتوقف الحرب و ايجاد حل ومخرج سلمي للازمة الليبية ، وهو الطريق الذي اجتمعت عليه اغلب الدول الاجنبية والعربية ، عدا عن موقف مصر والامارات الذي دعم بشكل مباشر قوات حفتر وكذلك موقف الاردن الذي دعا لرفع حظر السلاح عن قوات حفتر باعتبارها المؤسسة العسكرية الرسمية التي تحارب الارهاب والموقف التشادي الذي دعا الدول الغربية للنزول بقوات لليبيا لمحاربة التطرف بها، ومن جهة اخرى تحدثت بعض المعلومات عن دعم السودان و تركيا وقطر للمعسكر المقابل (قوات فجر ليبيا).


الدور الجزائري في اتفاق الصخيرات:

حاولت الجزائر منذ البداية ايجاد حل سلمي وسياسي للازمة الليبية ، من خلال مجموعة من المبادرات التي قامت بها سواء في دعوتها لتشكيل تنسيقية ما بين دول الجوار الليبي لا يحاد حل للازمة السياسية الليبية ، او حتى من خلال الجهود الفردية التي قامت بها في سبيل انهاء بعض الصراعات التي نشأت في بعض المناطق الليبية على غرار المعارك التي اندلعت في اوباري ما بين التبو والطوارق حيث قادت الحكومة الجزائرية جهود وساطة عبر أعيان من منطقتي إليزي والطاسيلي مع وجهاء من جنوب غرب ليبيا لوقف الاقتتال بين قبيلتي التبو والطوارق عقب تجدد الاشتباكات المسلحة التي خلّفت عشرات القتلى خلال ايام قليلة . وقال مصدر حكومي جزائري آن ذاك ، أن الجزائر دخلت مجددًا على خط الأزمة المندلعة بين قبيلتي التبو والطوارق بالجنوب الغربي لليبيا بهدف إنهاء الحرب الدائرة بين الطرفين، مستعينة بمشايخ قبيلة أدنان وأعيان الطوارق من جهة ومن جهة أخرى تسعى للتأثير عن طريق تشاد على قبائل التبو. وأضاف المصدر الجزائري أن أعيان جنوب البلاد طالبوا من السلطات التدخل العاجل واستخدام ثقلها لمنع تجدد الاشتباكات وكذلك فتح المعابر أمام طوارق ليبيا، محذرين من انعكاسات ما يتعرض له هؤلاء على الطوارق في الجزائر. ورغم ان السلطات الجزائرية قد أغلقت الحدود البرية مع ليبيا في شهر أبريل 2014، بسبب الوضع الأمني في البلاد، إلا أنها قررت في فبراير 2015م فتحها أمام الحالات الإنسانية، إلى جانب نقل شحنات من المواد الغذائية إلى سكان الجنوب الغربي في ليبيا لمساعدتهم على تجاوز الأزمة الإنسانية. كما ارسلت 70 طنًا من المساعدات الإنسانية المتنوعة إلى المواطنين الليبيين المقيمين بالمناطق الليبية الحدودية المتاخمة للحدود الجزائرية. وفي اطار سعي الجزائر الى دعم الجهود الاممية الرامية الى الوصول الى اتفاق بشأن الصراع السياسي في ليبيا فقد تعاونت الجزائر وبشكل غير مسبوق مع المغرب لاستضافة جزء من الحوارات التي انطلقت كجزء من الحوار الذي تقوده الامم المتحدة في الصخيرات المغربية، فاستضافت الجزائر اجتماعات تشاورية ما بين الاحزاب السياسية الليبية وكذلك عمداء البلديات الليبية التي ادرجت ضمن الاتفاق السياسي الليبي ايضا وهي اجتماعات مهدت فيما بعد وفي شكل تكاملي مع اجتماعات الصخيرات الى توقيع مسودة الاتفاق الخامسة. والى جانب دعم الجزائر القوي لجهود الامم المتحدة فقد استقبلت الجزائر كلا من وزراء خارجية هولندا وايطاليا وبريطانيا و مسؤولين كبار آخرين في الدول الغربية بالإضافة الى الامين العام للأمم المتحدة (بان كي مون)، حيث عبرت الجزائر في المؤتمرات الصحفية اللاحقة لكل هذه اللقاءات ان الجزائر تدعم الوصول الى حل سياسي سلمي في ليبيا مؤكدة على رفضها اي تدخل عسكري في البلد الجار . وهو ما حاولت الجزائر من خلال نفوذها في الاتحاد الافريقي وتأثيرها على الدول الافريقية ان تجعله موقفا رسميا تتبناه اغلب الدول الافريقية، ولعل استقبالها خلال السنتين لبعض الرؤساء والمسؤولين لدول كل من السنغال و ساحل العاج والنيجر والسودان والمغرب وتشاد يأتي في هذا الاطار . وتوّج الموقف الجزائري أخيرا بزيارة وزير الشؤون المغاربية والأفريقية والجامعة العربية الجزائري، عبدالقادر مساهل الى طرابلس حيث اجتمع مع اعضاء من المجلس الرئاسي قبل ان يخرج في مؤتمر صحفي في قاعدة ابي ستة مقر مجلس رئاسة الوزراء رفقة نائب رئيس الوزراء احمد معيتيق وكان ما صرح به مساهل في هذا المؤتمر معبرا وبشكل واضح عن السياسية الجزائرية اتجاه ليبيا والتي قال فيها : «إن مساندة ليبيا لكفاحنا العادل لا ننساه، وفي الوقت نفسه عندما تعيش الشقيقة ليبيا مرحلة صعبة فلابد أن تكون الجزائر واقفة مع الشقيقة ليبيا، كما أن لنا مصيرًا مشتركًا، فلنا حدود مشتركة وشعب واحد، وعائلات ما بين الجزائر وليبيا». وأضاف مساهل في مؤتمر صحفي عقد مع نائب رئيس المجلس الرئاسي، أحمد معيتيق، بقاعدة أبو ستة البحرية: «عندما تكلمت على مساندة ليبيا لكفاحنا العادل لأنه سالت فيه دماء ليبيين من أجل تحرير الجزائر، فمنذ بداية الأزمة كان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يركز دائمًا على الحل السياسي للأزمة الليبية، ولا يوجد بديل للحل السياسي والمصالحة الوطنية ولا يوجد بديل للحوار الوطني.



كما أكد مساهل أن تواجده في ليبيا يعبر عن تضامن الجزائر مع الشعب الليبي، «وفي الوقت نفسه نقدم كل ما في وسعنا لمرافقة الشقيقة ليبيا في هذه الظروف. أما عن المرافق والحدود والمناطق الحدودية بحاجة لتنمية». واسترسل الوزير الجزائري قائلاً: «نحن موجودون في ليبيا ولم نتأخر عن ليبيا وعلاقتنا يومية مع أخواننا الليبيين. الإرهاب ينمو في ظل عدم وجود مؤسسة دولة أو دولة قوية. ليبيا بحاجة إلى مؤسسة دولة قوية. لا يوجد خيار لدى الأخوة الليبيين إلا إعادة بناء دولة المؤسسات وتحتاج مراحل مهمة لذلك. نجتمع على مستوى دول الجوار للبحث في المواضيع التي تخص الهجرة والأمن، والحوار يجب أن يكون مفتوحًا دائمًا بين الليبيين. تقوى ليبيا من الليبيين وتضعف ليبيا من الليبيين.



مستقبل العلاقات الليبية الجزائرية، هل من الممكن ان يستمر موقف الجزائر على ما هو عليه؟

فيما يتعلق بمدى قدرة الجزائر على الحفاظ على موقفها الداعم للاتفاق السياسي و اعتماد الطرق السلمية في محاولة الوصول الى حل للازمة الليبية ورفض التدخل العسكري ، فان عاملين رئيسيين يؤخذان في عين الاعتبار لتقييم مدى امكانية او عدم امكانية تغير الموقف الجزائري ، اولهما ان الجزائر استطاعت ان تتخذ دائما موقفا مغايرا من القضايا الاقليمية على غرار الموقف من التدخل العسكري في ليبيا ومالي سنتي 2011 و2012 ، واستطاعت ان تصمد ولفترات طويلة وتحافظ على موقفها ، لكن ومن الناحية الاخرى فان هناك عوامل اخرى قد تؤثر على الموقف الجزائري فالواضح حتى الان ان مخرجات اتفاق الصخيرات (الحكومة ومجلس الدولة و البرلمان) لم تستقر حتى الآن في ليبيا ، بل يبدو ان الانقسام قد زاد لينقسم المعسكران (فجر ليبيا والكرامة) على بعضهما بناء على الموقف المؤيد او المعارض لاتفاق الصخيرات ، وهو امر قد يطيل الازمة الليبية و يزيد من استمرارية وحدة تأثيرها على الاوضاع الداخلية لدول الجوار وعلى رأسها الجزائر ،ما قد يؤدي الى تغير نوعي ولو طفيف في الموقف الجزائري ازاء الازمة الليبية اذا ما قيمت الجزائر ان استمرار الوضع على ما هو عليه في ليبيا وزيادة حدته له عواقب اكبر من التدخل بشكل مختلف في الازمة الليبية قد يكون التدخل العسكري احد اشكالها ، كما ان انطلاق العمليات العسكرية ضد داعش في سرت من قبل قوات من المنطقة الغربية بقيادة كتائب من مصراتة قد يغير من المعادلة بناء على مدى حاجة هذه القوات لغطاء جوي على غرار العمليات العسكرية ضد داعش في العراق ، او الموقف الذي ستتخذه قوات حفتر التي تتمركز في مناطق قريبة من سرت ايضا ، حيث يوجد تخوف لدى البعض بأن هذه القوات ربما تتجاوز سرت للاشتباك مع قوات مصراتة بدعم مصري ، وهو ما يضع الجزائر في موقف حرج يلزمها من اتخاذ مواقف حادة ضد الجانب المصري اذا ما حادت مواقفه عن اتخاذ اي مواقف من شأنها الخروج عن إطار الحلول السلمية والسياسية.


ثالثا رؤية الباحث في المشكلة

من الأفضل للدولتين أن تكون مساندة لبعضهما البعض وانهاء أي صراعات بينهم علي خط الحدود كي تنعم كلا الدولتين بالأمن والاستقرار ،بل وتتكاتف حتي تمنع الحركات الإرهابية علي خط الحدود وتحقن الدماء وفي حالة استبعاد السيناريو السابق و التحام قوات حفتر و مصراتة في مواجهة داعش ، فان الجزائر ربما تضطر الى التدخل عسكريا في الحرب على تنظيم الدولة اما من خلال توغل قوات جزائرية لكيلومترات محددة وتوزيع معين من اجل منع تسرب المقاتلين والاسلحة ما بين الجانبين الليبي والجزائري و فرض غطاء جوي على تلك المنطقة وهو ما قد يعد اكثر فاعلية من التدخل البري في تلك المنطقة الشاسعة ، كما انها قد تضطر الى المشاركة بشكل مباشر في ضرب داعش في مواقعها بليبيا حتى لا تفوتها فرصة اتخاذ موقف ايجابي يعزز من جهودها الدبلوماسية السابقة اثناء الازمة السياسية الليبية وحتى لا تعود في رصيدها مع الدولة الليبية الى نقطة الموقف السلبي من الثورة الليبية. اما فيما يتعلق بمدى تطور العلاقات الليبية الجزائرية ليصبح اكثر تكاملا و ثنائية، فانه من المبكر الحديث عن هذا الامر في المرحلة الحالية رغم ما قد تمهده هذه المرحلة لتطور العلاقات الليبية الجزائرية فيما بعد ، لكن الامر مرهون بمدى امكانية الوصول الى استقرار سياسي في البلاد و تشكيل اجسام سيادية موحدة للسلطات التشريعية والتنفيذية ، وقدرة البلاد على تبني سياسة خارجية متزنة مبنية على مواقف واضحة من الدول الاخرى خاصة فيما يتعلق بدول الجوار ، وليس بناء على عواطف ومواقف شخصية للمسؤولين الليبيين .


الخاتمة

في الختام لا يسعنا الا القول بأنه كي تنتهي الأزمة فلابد من التحام ليبيا والجزائر والتكاتف معا لطرد أي قوات إرهابية والقضاء عليها أولا ثم الاتفاق علي حل يرضي الطرفين حتي لو بمناصفة مناطق النزاع بينهم علي أن يكون ذلك بمعاونة الدول العربية فقط دون تدخل من جانب الدول الأجنبية لان هذه الدول بحضورها المؤتمرات لحل النزاع السلمي فهذه الدول الأجنبية يهمها مصالحها في تلك الدول أولا لا يهمها أن تستقر هذه الدول وتنعم بالسلام لان ذلك يروا أنه خطر كبير علي مصالحها وبالتالي لن تفلح المؤتمرات والجهود الخاصة بحل المشكلة سلميا .


المقالة التالية المقالة السابقة
لا توجد تعليقات
اضـف تعليق
comment url